( 1 ) المسلمين والمسلمات: هنا هي بمعناها اللغوي أي المسلمين أنفسهم لله على ما هو المتبادر .
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ( 1 ) وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ( 35 )} .
تعليق على الآية
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ...} الخ .
عبارة الآية واضحة .وهي بسبيل التنويه بكل مسلم ومسلمة يتصفان بالصفات التي وردت فيها ويفعلان الواجبات التي نبهت عليها .وبسبيل بشرى استحقاقهما عظيم الأجر ورفيع المنزلة عند الله تعالى .
ويلحظ أن الصفات والواجبات قد جمعت كل صفات الخير وعناوين البرّ وضمانات النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة ؛حيث ينطوي في هذا ما يتوخاه القرآن من الارتفاع بالمسلمين والمسلمات إلى ذرى الكمال في مختلف المجالات .
ومع أن أسلوب الآية مطلق ينطوي فيه حكمة ربانية لتكون مستمرة المدى لكل وقت ومكان ،فإنه يتبادر لنا أنها تنطوي في الوقت نفسه على الإشادة بصفات فريق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء كانوا يتصفون فعلا بهذه الصفات ويفعلون تلك الواجبات ،وأن فيها والحالة هذه صورة رائعة من صورهم رضوان الله عليهم .
ولقد رويت بضع روايات في مناسبة نزول الآية اختلف فيها الأسماء والكيفيات واتفقت الغاية ،وهي تساؤل بعض المسلمات عن سبب اختصاص القرآن الرجال بالذكر والتنويه .أو مراجعة بعضهن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ،وممن ذكرت الروايات أسماءهن أم سلمة أم المؤمنين وأسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب وأم عمارة الأنصارية .والأخيرة ذكرت في حديث رواه الترمذي جاء فيه:"عن أم عمارة قالت يا رسول الله ما أرى كل شيء إلا للرجال ،وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت الآية "{[1677]} .ولقد أوردنا في سياق تفسير الآية [ 195] من سورة آل عمران حديثا رواه الترمذي عن أم سلمة مماثلا لهذا الحديث ،وذكر فيه أن آية آل عمران هذه نزلت بناء على مراجعتها النبي صلى الله عليه وسلم في صدد عدم ذكر النساء مع الرجال .والآية تبدو وحدة تامة مستقلة لأول وهلة .وقد يقوي هذا صحة رواية سبب نزولها وهو مراجعة أم عمارة أو غيرها .
غير أننا نلاحظ أن القرآن لم يغفل قبل نزول هذه الآية المرأة المسلمة الصالحة والتنويه بها في المكي منه والمدني{[1678]} .وأن الآية التالية قد أشير فيها إلى واجب المؤمن والمؤمنة على السواء من أمر الله ورسوله وقضائهما .فهذا وذاك يوردان على البال أن تكون الآية متصلة بالسياق التالي لها ،وبمثابة مقدمة تمهيدية .كما لا يبعد أن تكون جاءت معقبة على الآيات السابقة بعد ذكر نساء النبي وواجباتهم ،ولتستطرد إلى ذكر الأجر العظيم عند الله لكل مؤمن ومؤمنة يقوم بواجبه ويلتزم حدود الله .
ومهما يكن من أمر فإن صيغة الآية قوية رائعة من ناحية النساء مع الرجال في ما احتوته من تنويه وأوجبته من واجبات .وهي حاسمة الصراحة في اعتبار المرأة مخاطبة في القرآن كالرجل سواء بسواء بكل التكاليف التعبدية والأخلاقية، وأهلا لكل ما يترتب على ذلك كالرجل سواء بسواء .
وننبه بهذه المناسبة على أن العلماء والمفسرين متفقون على أن كل خطاب قرآني موجه للمؤمنين والمسلمين أو فيه ذكر للمؤمنين والمسلمين في أي شأن وليس فيه قرينة على اختصاص الرجال دون النساء هو شامل للمسلمات والمؤمنات .