{وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ( 3 ) ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ( 4 ) والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم ( 5 )} [ 3 – 5] .
لا يعزب: لا يبتعد ولا يختفي .
كتاب مبين: كناية عن علم الله وشموله .
في الآيات حكاية لإنكار الكفار لمجيء الساعة ،أي البعث والحياة الأخروية .وأمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتوكيد بمجيئها مقسما على ذلك بالله الذي يعلم الغيب والذي لا يخفى عليه ولا يخرج عن شمول علمه وتصرفه مثقال ذرة في السماوات والأرض ولا أكبر ولا أصغر من ذلك .وقد اقتضت حكمته وعدله أن تأتي الساعة ويبعث الناس للحساب ليجزي المؤمنين الذين عملوا الأعمال الصالحة بما يستحقون من المغفرة والرزق الكريم .والكافرين الذين يسعون في تعطيل دعوة الله وإطفاء نورها بما يستحقون من العذاب الشديد الموجع .
ومن المحتمل أن تكون الآيات ترديدا لقول قاله الكفار في موقف وجاهي ،وهي على كل حال تحتوي مشهدا من مشاهد الجدل بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والكفار ومواقفهم منه .وتلهم أن مطلع السورة جاء كما قلنا مقدمة لحكاية هذا المشهد أو الموقف وما بعده من مشاهد ومواقف .وقد تكررت حكاية مثل هذا المشهد وحكاية إنكار الكفار للبعث وتوكيد القرآن له كثيرا ؛حيث يدل كما قلنا قبل على أن هذا الأمر من أهم ما كان يثور الجدل والحجاج حوله بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين مختلف فئات الكفار .
والتوكيد بالقسم نافذ والحجة على قدرة الله على تحقيق الوعد قوية .فعلم الله وقدرته وتصرفه المطلق في الكون ،كل هذا مما يعترف به الكفار ،وكل هذا مما يجعل تحقيق الوعد في نطاق قدرة الله تعالى .وحكمة ذلك ظاهرة ؛لأنه مقتضى صفة العدل في الله عز وجل حتى ينال كل من المحسنين والمسيئين جزاء أعمالهم