في هذه الآيات:
تنويه بما احتواه القرآن من الأمثال المتنوعة التي ضربها الله تعالى للناس فيه بقصد حملهم على التدبر والتذكر .
وإشارة إلى أن القرآن الذي احتوى هذه الأمثال هو قرآن عربي لا عوج فيه ولا إغراب ولا تعقيد ،وقد جعله الله كذلك حتى يفهمه السامعون بسهولة وتبعث فيهم أمثاله شعور تقوى الله .
ومثل مستأنف من جملة هذه الأمثال على سبيل المقايسة: فحالة المشركين والموحدين مثل حالة مملوكين أحدهما يملكه شركاء عديدون متنازعون عليه كل واحد منهم يجذبه إليه ،وآخر لمالك واحد خالصا له لا ينازعه فيه أحد .فكما أن حالة هذين المملوكين ليست متساوية وكما أن المنطق يؤدي إلى تفضيل حالة المملوك لصاحب واحد ،كذلك المشرك والموحد لا يمكن أن تكون متساوية ؛لأن المشرك مقسم بين معبودات عديدة هو بينها بين جدب ودفع في حيرة من أمره لا يدري أيها أنفع وأيها يجب أن يخلص له الاتجاه أكثر من غيره في حين أن الموحد قد نجا من هذه الحيرة حيث عرف له ربا واحدا فأسلم نفسه إليه وجعل اعتماده عليه وحده .والمنطق يؤدي إلى تفضيل حالة الموحد على المشرك .
وانتهت الآيات بتقرير استحقاق الله وحده للحمد بعبارة أريد بها عدم تجويز العقل والمنطق أن يسوى بين الله والشركاء وتقريع المشركين على ما يبدو منهم من حمق وعدم إدراك وعلم ؛لما في شركهم من سخف وضلال .
الآيات كما هو المتبادر تعقيب على سابقاتها واستمرار لها في السياق .والمثل الذي احتوته الآيات مقتطع من حياة العرب الذين كانوا أول من وجه القرآن إليهم ؛حيث كان المملوك الواحد يقع أحيانا في ملك عدة شركاء وارثين فيكون في صدده مشادات ومشاحنات فيما بينهم .ومع ذلك فإنه مما يصح أن يكون عاما أيضا لأنه قائم على منطق صحيح يتسق مع كل ظرف وحال .