يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ{29} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{30}
وهذا المقطع من نوع المقطع السابق أيضا من حيث إنه تقرير عن ذات الله: فكل من في السموات والأرض محتاج إليه وسائله .وتصريفه للأكوان وشؤون الخلق دائم لا سكون فيه .
ولقد روى البغوي عن مقاتل أحد علماء التابعين ومفسّريهم أن الآية الأولى نزلت في اليهود حين قالوا: إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا .وأسلوب الآية تقريري عام .والمقطع استمرار للسياق .فإن صحّ أن اليهود قالوا ذلك فإن الآية تكون احتوت ردا عليهم في سياق عام ولا تكون قد نزلت لحدتها لأجل ذلك فيما هو المتبادر ؛على أن مكية الآية والسورة وكون أكثر اليهود الممارين في المدينة يحمل على التوقف في الرواية .
ولقد روى الطبري بطرقه حديثا عن عبد الله الأزدي قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} فقلنا: يا رسول وما ذلك الشأن ؟قال: يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع أقواما ويضع آخرين » .وقد أورد ابن كثير هذا الحديث مرويا بطرق ابن عساكر وابن أبي حاتم عن أبي الدرداء أيضا .والمتبادر أن الحديث بسبيل توضيح نبويّ مختصر مفيد لجانب من جوانب شأن الله عز وجل الدائم في كل أمر ومطلب من أمور ومطالب الكون والخلق وهو ما انطوى في الأسلوب الشامل الذي جاءت عليه الجملة القرآنية .