( 10 ) وإذ تأذن: آلى على نفسه ،أو أعلم وآذن .
/م163
تعليق خاص على الآية
{وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ...}
والتي بعدها وما فيهما من تلقين وإعجاز قرآني
ولقد احتوت هاتان الآيتان تلقينا بليغا آخر في إيلاء الله تعالى على نفسه بأن يبعث على اليهود من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة بسبب ما ارتكسوا فيه من انحرافات دينية وأخلاقية واجتماعية ،واقترفوه من آثام ونقضوه من مبادئ ووصايا ،واستغرقوا فيه من أعراض الحياة الدنيا وبيعهم دينهم وكتابهم بالدنيا .
ففي ذلك عظة وذكرى وإنذار للمسلمين ودعوة للاعتبار والازدجار .وهذا عدا ما في الآيات من تقرير لواقع ما صار اليهود إليه من شتات في الأرض وذلة ومسكنة وازدراء واضطهاد في مختلف الأنحاء التي تشتتوا فيها .حيث كان في ذلك مصداق إعجازي لعهد الله فيهم .
ومهما بدا في سياق حوادث فلسطين في زمننا ،وما نالوه من نجاح بمساعدة طواغيت الاستعمار ،فإن تجهم البشر لهم وازورارهم عنهم ونقمتهم عليهم بسبب الأخلاق السيئة التي غدت جبلة مميزة لهم يتوارثها الأبناء عن الآباء عامّان في كل مكان .وجميع الظواهر تدل على أن ذلك سيبقى مع دوام شتاتهم في الأرض على مدى الدهر مصداقا لعهد الله تعالى وميثاقه .ونحن مؤمنون أعمق الإيمان بأن الله عز وجل سيطبق عهده عليهم بالنسبة لما أحرزوه من نجاح في فلسطين قد يكون امتحانا للمسلمين ،وأنهم سوف يرتدون عنها خائبين خاسرين .
هذا ،وآية{وإذ تأذن ربك ...} إلخ حاسمة قاطعة بنسف كل ما سجله القرآن من مزايا لليهود ومن إيذان بأن الله كتب لهم الأرض المقدسة وأورثهم إياها مما يتخذونه وسيلة إلى استغفال المسلمين ،حيث كان ذلك بالنسبة لزمن قديم مضى وانقضى ثم كان من أخلاقهم وانحرافاتهم ومناوأتهم لدعوة الله ورسله ما استحقوا عليه هذا العهد الرباني واستمراره إلى يوم القيامة .