{تَأَذَّنَ}:من الأذان وهو الإعلام .
{يَسُومُهُمْ}: يذيقهم .
عذاب بني إسرائيل إلى يوم القيامة
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ} أي أعلم رسله{لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} في إيحاءٍ بالقسم ،في استمرار العذاب ما داموا مستمرين على هذا الخط المنحرف البعيد عن الله{مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} فيعذّبهم ويواجههم بكل وسائل الضغط والإذلال والتعذيب ...وليس معنى ذلك أن لا تكون هناك مرحلة من المراحل تعطيهم بعض الأمن أو الراحة ،لأن قضية الامتداد إلى يوم القيامة تعني الامتداد في حجم الظاهرة العامة ،بالمستوى الذي يوحي بالاستمرار الذي لا تقف فيه الراحة عند حدٍّ عنصريٍّ ضد الآخرين من غيرهم ،انطلاقاً من شعورهم بالتفوّق الذاتي على كل الناس ،مما يخلق في داخلهم شعوراً دائماً بالاضطهاد في أيّ موقعٍ من مواقع الامتيازات المادية أو المعنوية التي يملكها الآخرون ،باعتبار أنها مسلوبةٌ منهم ،لأنها من حقوقهم ولأنّ الحياة لهم بأجمعها ،في ما تمثّله شخصية شعب الله المختار .
وقد يغريهم ذلك بالتخطيط العدواني ضد الشعوب التي يعيشون بينها ،بما يملكون من وسائل دقيقةٍ خفيّةٍ تهيّىء لهم السيطرة على مرافق الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية العامة ،مما يمكّنهم من الاعتداء على حرية هذه الشعوب وتقدّمها في جميع المجالات .ومن الطبيعيّ أن مثل هذه المخططات لا بد من أن تثير الكثير من عوامل الحقد المضادّ ،ومن ردود الفعل الأخرى في اتجاه مواجهة العدوان بمثله ،ومن المشاعر السلبية ضد اليهود في شعور خفيٍّ بالعداوة التي تبحث عن متنفّسٍ لها في الممارسات العملية على مستوى العلاقات العامة والخاصة ،وبذلك يتحول هذا الصراع النفسي إلى صراعٍ حادٍّ متحرك في اتجاه القضاء على هذه الروح العنصرية الحاقدة ،ما دامت مستمرةً في تآمرها وعدوانها ...وربما كان للتربية المعقدة التي تخضع لها عملية التوجيه الداخلي للإنسان اليهودي ،وللقوانين الصارمة التي تتحرك فيها مبادىء الانتماء إلى الشخصية اليهودية ،الأثر الكبير في استمرار المجتمع اليهودي المنغلق على نفسه ،مما يمنع من ولادة جوّ منفتحٍ على الحياة من خلال المبادىء الإنسانية والروحية في قيم الدين والحياة ،لأن تلك المبادىء لم تنطلق لديهم كقيمةٍ روحيةٍ إيمانية ،بل انطلقت كوجهٍ من وجوه النشاط الذي يتيح لهم إمكانية استغلال الشعوب الأخرى التي تؤمن بها إيماناً حقيقياً من أقرب طريق ...وهكذا يستمرون في إثارة عداء الشعوب لهم ،حتى في أوج قوتهم وسيطرتهم ،فتذيقهم تلك الشعوب العذاب بطرقٍ مختلفة ،وذلك هو عذاب الله الذي يذيقه للمتمردين الحاقدين بما كسبوا من جرائم وأعمال .{إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ} في موضع العذاب والنقمة ،{وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}في موضع العفو والرحمة .