/م28
تعليق على جملة
{فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة}
وجملة{فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة} قد توهم أن الله تعالى يفعل ذلك بدون سبب من المهتدي والضال .غير أن بقية الآية تزيل هذا التوهم ؛حيث احتوت تعليلا متسقا مع تقريرات القرآن المتكررة التي مرت أمثلة منها وهو كونهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله .وفي آية سورة يونس هذه:{كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون33} توضيح يزيل بدوره ذلك التوهم وهذا أيضا ملموح في آيات سورة البقرة [ 26-27] وسورة الرعد [ 27] وسورة إبراهيم [ 26] التي أوردناها سابقا أيضا .ولقد فرّع المؤولون والمفسرون عن هذه الجملة معاني أو أحكاما أخرى .فذهب الطبري إلى أن فيها دليلا على أن العذاب لا يقع فقط على الضال المعاند لربه ،بل يقع على الضال الذي يظن أنه على هدى .وهناك من فرق بين من تحرى واجتهد وظن أنه على هدى وبين من انحرف دون تحر واجتهاد تقليدا لغيره .فذهب إلى أن الأول يكون معذورا وأن العذاب لا يكون إلا على الثاني .وهناك من قال: إنه لا يكون بعد الإسلام عذر لمن يضل عن مبادئ الإسلام ومما فيها من عقائد وأحكام صريحة وقطعية بنص قرآني أو سنة نبوية ثابتة ؛لأن فهم هذا من متناول الجميع .وإن العذر إنما يكون للمجتهد فيما ليس فيه نص صريح وقاطع بل ويكون له أجران إذا أصاب وأجر إذا أخطأ .ويتبادر لنا أن القول الأخير هو الأوجه الأسد .
وهناك من قال إن الآية تدل على أن مجرد الظن والحسبان لا يكفي في صحة الدين بل لا بد فيه من الجزم والقطع واليقين وفي هذا وجاهة وسداد أيضا{[953]} .والله تعالى أعلم .