/م1
تعليق على جملة
{وإذا الصحف نشرت}
وبمناسبة آية{وإذا الصحف نشرت} نقول: إن هذا المعنى قد تكرر بأساليب متنوعة في القرآن .وقد ذكر في بعض الآيات أن لله على الناس مراقبين يكتبون ما يفعلونه .وأن ما يكتبونه هو صحف أعمال الناس التي تنشر يوم القيامة وتوزع على أصحابها ،وتعطى للناجين بأيمانهم وللخاسرين بشمالهم .ومما جاء في القرآن في هذا آية سورة الزخرف هذه:{أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ( 80 ) وآيات سورة ق هذه:{إذ يتلقى المتلقيان وعن الشمال قعيد ( 17 ) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد( 18 )} وآيات سورة الجاثية هذه:{وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون ( 28 ) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون( 29 )} ومنها آيات سورة الحاقة التي أوردناها في سياق تفسير سورة المدثر .
ولما كان الله عز وجل غنياً عن كل ذلك لا يعزب عنه شيء ،فالذي يتبادر من الحكمة الربانية لما ذكرته الآيات أنه بسبيل الإنذار والترهيب والوعيد بأسلوب من الأساليب التي اعتادها الناس في الدنيا من تسجيل الأحداث وإبراز التسجيلات في مقام الإثبات والإفحام .ولقد نبهنا قبل إلى ما اقتضته حكمة التنزيل من وصف المشاهد الأخروية بأوصاف مستمدة من مألوفات الحياة الدنيا في التعليق على الحياة الأخروية في سورة الفاتحة .وهذا من ذاك ،هذا مع تقرير وجوب الإيمان بما ذكرته الآيات كحقيقة إيمانية غيبية ،وبأنه في نطاق قدرة الله تعالى وحكمته .