{إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ( 29 ) وإذا مروا بهم يتغامزون ( 30 ) وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين1 ( 31 ) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ( 32 ) وما أرسلوا عليهم حافظين ( 33 ) فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ( 34 ) على الأرائك ينظرون ( 35 ) هل ثوب 2 الكفار ما كانوا يفعلون ( 36 )} [ 29-36] .
وفي هذه الآيات حكاية لموقف الكفار من المؤمنين في الدنيا وموقف المؤمنين من الكفار في الآخرة ،فقد كان المجرمون يسخرون من المؤمنين ويتغامزون عليهم كلما مروا بهم ويرمونهم بالضلال مع أنهم ليسوا عليهم وكلاء ولا حفّاظا .ثم يعودون إلى أهلهم ،وقد شفوا نفوسهم واغتروا بباطلهم .ولسوف ينقلب الأمر إلى عكسه يوم القيامة ،حيث يفوز المؤمنون بالعاقبة السعيدة ويتمتعون بمنازل النعيم ويقفون من الكفار موقف الساخر الشامت لما صاروا إليه من مصير رهيب .
وقد جاءت الآية الأخيرة بمثابة التعقيب متسائلة عما إذا لم يكن الكفار بما صاروا إليه قد جوزوا الجزاء الحق على ما كانوا يفعلونه .وقد تضمنت جوابا إيجابيا على السؤال .
والآيات جاءت في معرض التعقيب على الآيات السابقة .وانطوت على التنديد بالكفار والبشرى للمؤمنين كما هو المتبادر .وفيها صورة لما كان عليه موقف الكفار من المؤمنين في مكة وقد جاءت ختاما للسورة ،وهو ختام مشابه لخواتم سور عديدة أخرى .
وقد تكون الصورة التي احتوتها الآيات بنوع خاص قرينة على ما نبهنا إليه من احتمال عدم صحة ترتيب السورة كآخر السور نزولا ،ورجحان نزولها مبكرة بالإضافة إلى مضامين السورة وأسلوبها بصورة عامة .
تنبيه
تفسير السور الخمسة التي يروي المصحف الذي اعتمدناه أنها مدنية ،وتروى روايات أخرى أنها مكية والتي رجحنا مكيتها بدورنا على ما نبهنا عليه في الكلمة التي أضفناها إلى مقدمة التفسير في الجزء الأول .وستكون بالترتيب التالي على ما ذكرناه في الكلمة المذكورة:
الرعد – الحج- الرحمان- الإنسان – الزلزلة .