{ قال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون86} .
البث الهم العارض الذي لا يمكنني الصبر عليه ، وينتشر في كل نفسي ، ويسد على أسباب السرور ،و( الحزن ) ما يكون في النفس من الآلام الدفينة ، وقد كان حزنه على يوسف قديما ، وبثوا إليه هما آخر هو في ولديه شقيق يوسف وكبيرهم ، و( إنما ) من أدوات الحرص ، أي أنه لا يشكو همومه العارضة ، وأحزنه الدفينة إليكم ، بل يشكوها إلى الله وحده .
{ وأعلم من الله ما لا تعلمون} ، هذه الجملة تحوي في نفسه كل الرجاء الذي يرجوه والأمل الذي يأمله ، وفيه دلالة على أنه يعلم أن الله كاشف كربه ، مزيل همه ، وهو من علم الله تعالى ، لا من علم أحد ، يعلمه بالإلهام أولا ، وبرجائه في الله ثانيا ، وبرؤيا يوسف الصادقة ثالثا ، ففيها أنه رأى الشمس والقمر واحد عشر كوكبا له ساجدين ، وتأويل الرؤيا أن يكون في ظل يوسف ، وهو في عز مكين ، وإن ذلك واقع لا محالة .
وقد بني على هذا الأمل ، وذلك الرجاء أن كلفهم بالبحث عن يوسف وأخيه ، فقال كما حكى الله تعالى: