المآل هو العذاب والخيبة
{ استفتحوا} طلبوا الفتح والنصر ، والضمير يعود إلى الرسل ، أي أن الرسل بعد أن اطمأنوا إلى وعد الله تعالى لهم بأنه مهلك الظالمين بسبب ظلمهم تقدموا لمنازلة المشركين ، واستفتحوا كما كان يستفتح النبي صلى الله عليه وسلم في كل غزوة يغزوها ، والفتح هو النصر ، أي يطلبون النصر من الله تعالى ، ويصح أن يكون طلب الحق بأن يفصل بين الحق والباطل ، كما قال الله تعالى:{. . .ربا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ( 89 )} [ الأعراف] .
ويقول الزمخشري:إنه يكون مشتقا من الفتح بمعنى الحكم .
وقوله تعالى:{ وخاب كل جبار عنيد} بيان لنتيجة المعركة التي استفتح لها الرسل ، والواو للعطف على فعل محذوف ، تقديره ، وفتح الله تعالى للرسل بأن نصرهم أو حكم لهم وخاب كل جبار عنيد ، والكلية هنا معناها أن المتكبرين على الحق الجبابرة الذين يعتدون ويلجون في الباطل ، ولا يصغون إلى حق من أي مكان ، مآلهم الخيبة ، والخسران المبين ؛ وذلك لأن الجبار يستعلى فيظلم ، ولا نصر لظالم ، والعنيد يركب رأسه ، فلا ينصت لداع يدعو إلى التأمل وتعرف عواقب الأمور ، فلا يرى إلا ما يكون بين يديه من أمور ظاهرة لا يتعرف ما وراءها ، ويقول دائما مقالة فرعون:{. . .ما أريكم إلا ما أرى وما أهديهم إلا سبيل الرشاد ( 29 )} [ غافر] .
ولقد قال بعض السلف:إن الضمير في قوله تعالى:{ واستفتحوا} يعود إلى الظالمين ، أي الظالمين مع ظلمهم وطغيانهم يطلبون النصر ، وذلك منهم إمعان في الضلال الفكري ؛ إذ حسبوا ما عندهم خيرا يجيز لهم أن يستفتحوا من أجله .
وقال بعض السلف:إن الاستفتاح كان من الفريقين فريق الحق وفريق الضلالة ، وفتح الله للمؤمنين وخاب الكافرون ، وعبر عنهم بكل جبار عنيد للإشارة إلى سبب الخيبة ، وهو الاستعلاء بالباطل واللجاجة فيه