وكان من وحي الله تعالى أنه بعد هلاك الظالمين يسكن الله الرسل ومن معهم مكانهم{ ولنسكننكم الأرض من بعدهم} والأرض هي أرض الدعوة التي هدد المشركون أن يخرجوهم منها ، ولكن أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر قبل أن يتمكنوا ؛ ولذلك قال الله تعالى:{ وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفن مشارق الأرض ومغاربها . . .( 137 )} [ الأعراف] ، كما قال تعالى:{ وأورثكم أرضهم وديارهم . . .( 27 )} [ الأحزاب] .
وإن ذلك نصر الله تعالى فقد قال عز من قائل:{ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ( 171 ) إنهم لهم المنصورون ( 172 ) وأن جندنا لهم الغالبون ( 173 )} [ الصافات] ، وقال تعالى:{ والعاقبة للمتقين ( 83 )} [ القصص] ، وقال تعالى:{ ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} ،{ مقامي} مصدر ميمي ، المقام بمعنى قيام ، ومعنى قيام الله ، ومعنى الخوف من مقام الله تعالى ، أو قيامه على تدبير شئونه – رقابة كل أمور الإنسان بأنه لا يعمل عملا إلا والله تعالى يحاسبه عليه صغيرا أو كبيرا فيعبد الله كأنه يرى الله ، فإن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه ، وإن هذه مرئية الإحسان في الشعور بالله تعالى ، كما ورد عن الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه{ وخاف وعيد} ، أي خاف وعيد الله بالعذاب الشديد فهو يغلب الخوف على الرجاء ؛ لأنه يستصغر حسناته ويستكثر سيئاته ، وإنه ورد في الأثر:"من آذى جاره ورثه الله داره".