وقوله:( ولنسكننكم الأرض من بعدهم ) ، هذا وعدٌ من الله مَنْ وَعد من أنبيائه النصرَ على الكَفَرة به من قومه . يقول:لما تمادتْ أمم الرسل في الكفر ، وتوعَّدوا رسُلهم بالوقوع بهم ، أوحى الله إليهم بإهلاك من كَفَر بهم من أممهم ووعدهم النصر. وكلُّ ذلك كان من الله وعيدًا وتهدُّدا لمشركي قوم نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم على كفرهم به ، (18) وجُرْأتهم على نبيه ، وتثبيتًا لمحمد صلى الله عليه وسلم ، وأمرًا له بالصبر على ما لقي من المكروه فيه من مشركي قومه ، كما صبر من كان قبله من أولي العزم من رسلهومُعرِّفَة أن عاقبة أمرِ من كفر به الهلاكُ ، وعاقبتَه النصرُ عليهم ، سُنَّةُ الله في الذين خَلَوْا من قبل .
* * *
20611 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة:( ولنسكننكم الأرضَ من بعدهم ) ، قال:وعدهم النصرَ في الدنيا ، والجنَّةَ في الآخرة.
* * *
وقوله:( ذلك لمن خَافَ مَقامي وخاف وَعِيدِ ) ، يقول جل ثناؤه:هكذا فِعْلي لمن خاف مَقامَه بين يديّ ، وخاف وعيدي فاتَّقاني بطاعته ، وتجنَّب سُخطي ، أنصُرْه على ما أراد به سُوءًا وبَغَاه مكروهًا من أعدائي ، أهلك عدوّه وأخْزيه ، وأورثه أرضَه وديارَه.
* * *
وقال:( لمن خاف مَقَامي ) ، ومعناه ما قلت من أنه لمن خاف مَقَامه بين يديَّ بحيث أقيمه هُنالك للحساب ، (19) كما قال:وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ[سورة الواقعة:82] ، معناه:وتجعلون رِزقي إياكم أنّكُم تكذبون . وذلك أن العرب تُضيف أفعالها إلى أنفسها ، وإلى ما أوقعت عليه ، فتقول:"قد سُرِرتُ برؤيتك ، وبرؤيتي إياك "، فكذلك ذلك.
--------------------------
الهوامش:
(18) في المطبوعة:"وعيدًا وتهديدًا "، أساء إذ غير لفظ أبي جعفر .
(19) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1:337 .