المفردات:
مقامي: أي: الموقف المملوك لله ،الذي يقف به العباد بين يديه للحساب ،أو قيامه على عبده ومراقبته إياه .
وعيد: وعدي بعذاب الكفار والعصاة يوم القيامة .
التفسير:
{ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} .
أي: أوحى الله إلى رسله: بأن العاقبة ستكون للمؤمنين ،في ميراث أرض الكافرين ؛تلك سنّة الله تعالى في خلقه ،أن يعاقب الظالمين المعتدين ،وأن يأخذ بيد المؤمنين العاملين .
قال تعالى:{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون}( الأنبياء:105 ) .
وفي سورة القصص ،ذكر الله تعالى جانبا كبيرا من قصة موسى مع فرعون ،وصدر قصة موسى في سورة القصص بالعبرة والمغزى ،حيث قال سبحانه:{ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين* ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون}( القصص:6 ، 5 ) .
وقال سبحانه:{كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}( المجادلة:21 ) .
وقال عز شأنه:{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين* إنهم لهم المنصورون* وإن جندنا لهم الغالبون}( الصافات:171 173 ) .
وفي ختام الآية نجد قوله تعالى:
{ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} .
أي: ذلك الذي مرّ بيانه من إهلاك الظالمين ،وإسكان المؤمنين أرضهم وديارهم ،أمر ثابت لكل من خاف قيامي عليه بحفظ أعماله ،ومراقبتي إياه ،وزادت خشيته من مقام ربه ،وجلال عظمته ؛وخاف وعيدي بالحساب والعذاب للكفرة والعصاة والظالمين .
من تفسير الكشاف للزمخشري
قال الزمخشري: والمراد بالأرض في قوله تعالى:{ولنسكننّكم الأرض من بعدهم}( إبراهيم:14 ): أرض الظالمين وديارهم ،ونحوه:{وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها}( الأعراف:137 ) .
وقوله تعالى:{وأورثكم أرضهم وديارهم}( الأحزاب:27 ) .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم:( من آذى جاره ؛ورثه الله داره )7 .
ثم قال الزمخشري: ولقد عاينت هذا في مدة قريبة ،كان لي خال يظلمه عظيم القرية التي أنا فيها ،ويؤذيني فيه ،فمات ذلك العظيم ،وملّكني الله ضيعته ،فنظرت يوما إلى أبناء خالي يترددون فيها ،ويدخلون في دورها ويخرجون ،ويأمرون وينهون ؛فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وحدثتهم به ،وسجدنا شكرا لله .