[ 14]{ ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد 14} .
{ ولنسكننكم الأرض من بعدهم ،ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} يخبر تعالى عما توعد به الكافرون رسلهم ،لما رأوهم صابرين متوكلين ،لا يهمهم شأنهم من الإخراج من الأرض ،والنفي من بين أظهرهم ،أو العود في ملتهم .والمعنى:ليكونن أحد الأمرين .
والسبب في هذا التوعدكما قال الرازي:أن أهل الحق في كل زمان يكونون قليلين ،وأهل الباطل يكونون كثيرين .والظلمة والفسقة يكونون متعاونين متعاضدين .فلهذه الأسباب قدروا على هذه السفاهة .فإن قيل:يتوهم من لفظ ( العود ) أنهم كانوا في ملة الكفر قبل .أجيب:بأن ( عاد ) بمعنى صار .وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى ،أو الكلام على ظنهم وزعمهم / أنهم كانوا من أهل ملتهم قبل إظهار الدعوة .أو الخطاب للرسل ولقومهم ،فغلبوا عليهم في نسبة العود إليهم .
وقوله تعالى:{ فأوحى إليهم ربهم ...} الخ وعد صادق للرسل ،وبشارة حقة .كما قال تعالى{[5133]}:{ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون * وإن جندنا لهم الغالبون} وقال تعالى{[5134]}:{ وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها} والآيات في ذلك كثيرة .والإشارة في ( ذلك ) إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين .وقوله:{ لمن خاف ...} الخ أي:للمتقين لأنهم الموصوفون بما ذكر لقوله{[5135]}:{ والعاقبة للمتقين} .و ( المقام ) إما موقف الحساب ،فهو اسم مكان ،وإضافته إليه سبحانه لكونه بين يديه .أو مصدر ميمي ،بمعنى:حفظي وقيامي لأعمالهم ليجاوزوا عليها .أو مقحم للتفخيم والتعظيم كما يقال:المقام العالي .وياء المتكلم في{ وعيد} محذوفة للاكتفاء بالكسرة عنها في غير الوقف .
قال السمين:أثبت الياءهنا وفي ( ق ) في موضعين{[5136]}:{ كل كذب الرسل فحق وعيد}{[5137]}{ فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}وصلا ،وحذفها وقفاورش عن نافع .وحذفها الباقون وصلا ووقفا .