ويقول تعالى فيما يستقبل كل جبار عنيد من عذاب أليم:
{ من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد ( 16 ) يتجرعه ولا يكاد يسيغه . . .} .
الضمير في{ من ورائه} يعود إلى كل جبار عنيد ، أي أنه في الدنيا خيبة ، وعجز مع استعلاء وتجبر وعناد ، وبعد ذلك في الآخرة{ جهنم} يدخلها ،{ ويسقى من ماء} هو صديد من قروح جلود أهل النار ، ووراء تجئ بمعنى بعد ، كما تقول عذاب وراء ولوم وراء لوم ، كما قال النابغة الذبياني:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وليس وراء الله للمرء مذهب
أي بعد الله ، وكما قال الشاعر:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب
كما تقول:جاءوا صفوفا صفا وراء صف .
وقوله تعالى:{ ويسقى من ماء صديد} الواو عاطفة على فعل محذوف ، تقديره من ورائه جهنم يبقى فيها ، ويسقى من ماء صديد ، وهو الماء الناتج من القروح التي تجئ من حرق جلودهم ، وكلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرها حتى يذوقوا العذاب ، وكأنه يستقبلهم من وراء عنتهم ولجاجتهم عذابان:أحدهما:الإبقاء في جهنم وهو ذاته عذاب ، إذ يكون لهيبها ، والعذاب الثاني:أنهم لا يرتوون إلا بماء شربه ذاته عذابه أليم ، وهو الصديد ، وقد