وقوله:( من ورائه جهنم ) و "وراء "هاهنا بمعنى "أمام "، كما قال تعالى:( وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) [ الكهف:79] ، وكان ابن عباس يقرؤها "وكان أمامهم ملك ".
أي:من وراء الجبار العنيد جهنم ، أي:هي له بالمرصاد ، يسكنها مخلدا يوم المعاد ، ويعرض عليها غدوا وعشيا إلى يوم التناد .
( ويسقى من ماء صديد ) أي:في النار ليس له شراب إلا من حميم أو غساق ، فهذا في غاية الحرارة ، وهذا في غاية البرد والنتن ، كما قال:( هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج ) [ ص:57 ، 58] .
وقال مجاهد ، وعكرمة:الصديد:من القيح والدم .
وقال قتادة:هو ما يسيل من لحمه وجلده . وفي رواية عنه:الصديد:ما يخرج من جوف الكافر ، قد خالط القيح والدم .
ومن حديث شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت:قلت:يا رسول الله ، ما طينة الخبال ؟ قال:"صديد أهل النار "وفي رواية:"عصارة أهل النار ".
وقال الإمام أحمد:حدثنا علي بن إسحاق ، أنبأنا عبد الله ، أنا صفوان بن عمرو ، عن عبيد الله بن بر ، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله:( ويسقى من ماء صديد يتجرعه ) قال:"يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا أدني منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول الله تعالى ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) [ محمد:15] ، ويقول:( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب ) [ الكهف:29] .
وهكذا رواه ابن جرير ، من حديث عبد الله بن المبارك ، به ورواه هو وابن أبي حاتم:من حديث بقية بن الوليد ، عن صفوان بن عمرو ، به .