قوله:{ من ورائه جهنم} صفة ل{ جبار عنيد} ،أي خاب الجبّار العنيد في الدنيا وليس ذلك حظه من العقاب بل وراءه عقاب الآخرة .
والوراء: مستعمل في معنى ما ينتظره ويحل به من بعد ،فاستعير لذلك بجامع الغفلة عن الحصول كالشيء الذي يكون من وراء المرء لا يشعر به لأنه لا يراه ،كقوله تعالى:{ وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً}[ سورة الكهف: 79] ،أي وهم غافلون عنه ولو ظفر بهم لافتك سفينتهم ،وقول هدبة بن خشرم:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه *** يكون وراءَه فَرج قريب
وأما إطلاق الوراء على معنى من بَعْد} فاستعمال آخر قريب من هذا وليس عينه .
والمعنى: أن جهنم تنتظره ،أي فهو صائر إليها بعد موته .
والصديد: المُهلة ،أي مثل الماء يسيل من الدمل ونحوه ،وجعل الصديد ماء على التشبيه البليغ في الإسقاء ،لأن شأن الماء أن يُسْقى .والمعنى: ويسقى صديداً عوض الماء إن طلب الإسقاء ،ولذلك جعل{ صديد} عطفَ بيان ل{ ماء} .وهذا من وجوه التشبيه البليغ .
وعطف جملة{ يسقى} على جملة{ من ورائه جهنم} لأن السقي من الصديد شيء زائد على نار جهنم .