وقد ذكر سبحانه وتعالى حال هؤلاء الرسل مع تلك الشيع المتجمعة على الباطل فقال:{ وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون ( 11 )} .
( الواو ) تصل الجملة التي سبقتها بالجملة التي لحقتها ، وهي موضع السلوى لمحمد صلى الله عليه وسلم من إيذاء الضعفاء أصحابه الذين لا يملكون حولا ولا طولا ، ولا جوار يدفع عنهم ، واستهزاء بالدين الحق ، وصاحبه وأتباعه ، ومعنى الجملة السامية ( لا يأتيهم ، أي رسول{ إلا كانوا به يستهزءون} ) ، ف{ من} هنا صلى لبيان عموم النفي ، والاستهزاء به ، أي لا يأتيهم أي رسول فمهما يكن ما عليه من خلق كريم ، ومهما يكن ما يأتي به من حق مبين إلا جعلوه والحق الذي معه موضع استهزائهم وسخريتهم ، وذلك لفساد عقولهم ، وسفه أحلامهم ، وكان ذلك اختبارا لصبر الرسل ، وقد صبروا .
ويقول الزمخشري:"إن قوله تعالى:{ وما يأتيهم من رسول} حكاية لحال ماضي ؛ لأن ( ما ) لا تدخل على مضارع إلا وهو في معنى الحال ، ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال ، ولعل مراده أنهم استمروا على هذه الحال في الماضي ، فالواقع بك من سخرية واستهزاء هو استمرار لحال وقع بعضها في الماضي ، ويقع الباقي معك ،{ فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل . . .( 35 )} [ الأحقاف] .