ولكنّهم من العناد والتعصب لدرجة ( وما يأتيهم من رسول إلاّ كانوا به يستهزؤن ) .
ذلك الاستهزاء وتلك السخرية لاعتبارات عدّة:
مرةً ،يريدون بالسخرية إسقاط شخصية النّبي كي لا يؤثر في أوساط الفئة الواعية .
وأُخرى ،يحاولون بالاستهزاء تغطية ضعفهم وعجزهم أمام المنطق القوي والحجج الدامغة لرسل اللّه عزّ ِوجلّ .
وتارةً ،يأخذهم الاستغراب لدعوات الأنبياء الثورية ضد طريقة حياتهم الموبوءة وتقاليدهم البالية ،ولما كانوا مكيفين لها ومسترخين بين أجوائها ،فيدفعهم جهلهم وتعصبهم الأعمى لما هو سائد ،لأن يستهزؤا .
وأُخرى ،محاولة تخدير وجدانهم السارح في المتاهات كي لا يصحوا على حين غرّة فيعتنق الحق وينهض بأعباء مسؤوليته .
وقد يكون الاستهزاء بسبب خطل مقياسهم ومعيارهم للقدوة والقائد فما تعارفوا عليه في مواصفات الزعيم أو القائد ،أن يكون من الطبقة الثرية المرفهة ،وقيمة الإنسان عندهم من خلال: لباسه الأنيق ،مركبه الفاره ،بيته الفخم ،وحياته المحفوفة بالزخارف وإِذا نهض بدعوة الحق إِنسان فقير لا يمتلك من حطام الدنيا شيئاً ،فسيكون موضع سخريتهم !
وأخيراً ،فقبولهم لدعوة الأنبياء عليهم السلامحسب تصورهميستلزم تقويضاً لكل شهواتهم الدنيوية ،وتحميلهم وظائف جديدة لا يطيقونها ،فليجؤون للاستهزاء لتبرير إعراضهم وإنكارهم وإراحة ضمائرهم .
/خ15