وبعد أن سارعوا بالإنكار ، وادعاء أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم بغير المعقول ، تعنتوا وزعموا أنهم يطلبون دليلا{ لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ( 7 )} .
( ما ) نافية ، و( لولا ) ، إذا دخلت ( لو ) على ( لا )- كانت بمعنى الامتناع للوجود مثل قوله تعالى:{. . .لولا أنتم لكنا مؤمنين ( 31 )} [ سبأ] ، وتكون بمعنى الحض مثل قوله تعالى:{. . .لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة . . .( 32 )} [ الفرقان] مع امتناع الشيء يحض عليه ، وهو ما قبل ( لا ) ، فإنها تدل على الحض ، وعلى الامتناع لعدم وجود شيء فقوله تعالى:{ لو ما تأتينا بالملائكة} معناها الحض على أن تأتي به الملائكة ، وعلى أن الامتناع عن الإيمان لأنه لم يأت به الملائكة ، بيد أنه يلاحظ أن ( لا ) تدل على النفي في الحال والاستقبال ، و ( ما ) تدل على النفي في الماضي ، وقد جمع في هذه الآية الكريمة بين ( ما ) ، وفعل المضارع بعدها ، فدلت على أن الامتناع عن الإيمان في الماضي لعدم إتيان الملائكة به ، وأنهم مستمرون على عدم الإيمان ما دامت الملائكة لم تنزل به .
وقد رد الله كلامهم الدال على الإمعان في الكفر ، والتعلة للإيغال فيه ، فقال في آية أخرى:{ ولو جعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ( 9 )} [ الأنعام] وتعنتوا بهذا وبغيره ، واقرأ ما جاء أول سورة الأنعام ، قد قال الله تعالى ردا عليهم:{ ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ( 7 ) وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ( 8 )} [ الأنعام] .