وفي الآية الكريمة التي نتكلم في معناها رد الله تعالى قولهم بقوله تعالت كلماته:{ ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين ( 8 )} .
قوله تعالى:{ ما ننزل الملائكة إلى بالحق} في هذا إشارة إلى إمكان إنزال الملائكة ، وإنه ليس ثمة أمر يتعذر على الله خلقه ، وقد نزل الملائكة إلى أرض قوم لوط فجعلوا عاليها سافلها ، وعبر ب{ ننزل} إشارة إلى أن نزولها لا يكون دفعة واحدة بل تتوالى النزول ، وقتا بعد آخر .
وقوله تعالى:{ إلا بالحق} ، أي إلا بسبب باعث من الحق في ذاته بأن تكون حكمة في نزولهم ، ومصلحة في خطابهم ، فالله تعالى ما خلق شيئا عبثا ، وما جعل الأمور سدى تنزل الملائكة حيث يبتغى المشركون ويريد الكافرون ، وإن لم يكن جدوى من نزولهم ، وإن حالهم حال إنكار ، لا تحتاج إلى دليل ، فإن نزلوا قالوا هؤلاء رجال لا ملائكة كما تلونا قوله تعالى:{ ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون ( 9 )} [ الأنعام] .
وإنهم إن أنزلوا كما طلبوا لكانت القاضية عليهم ؛ ولذا قال تعالى:{ وما كانوا إذا منظرين} ، أي ما كانوا مؤجلين إلى يوم القيامة إذا نزلوا ، والله تعالى بحكمته العالية قدر للمشركين من العرب أن يكون من ذريتهم ومن لجاحدين أنفسهم أمة مؤمنة تحمل عبء التبليغ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن شريعته – وهو خاتم النبيين – يجب أن تكون معجزته باقية ببقاء شريعته الخالدة ، ورسالته الدائمة التي لا تنقطع ؛