قوله تعالى:{مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ} .
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه ما ينزل الملائكة إلا بالحق أي بالوحي وقيل بالعذاب ،وقال الزمخشري: «إلا تنزيلاً متلبساً بالحكمة والمصلحة ولا حكمة في أن تأتيكم الملائكة عياناً تشاهدونهم ويشهدون لكم بصدق النَّبي صلى الله عليه وسلم لأنكم حينئذ مصدقون عن اضطرار » قال: «ومثل هذا قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [ الحجر: 85] وبين تعالى في هذه الآية الكريمة أنهم لو نزلت عليهم الملائكة ،ما كانوا منظرين وذلك في قوله:
{وَمَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ} لأن التنوين في قوله إذاً عوض عن جملة ،ففيه شرط وجزاء ،وتقدير المعنى ولو نزلت عليهم الملائكة ما كانوا منظرين أي ممهلين بتأخير العذاب عنهم وقد بين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله:{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ} [ الفرقان:2] وقوله:{وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِىَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ} [ الأنعام:8] إلى غير ذلك من الآيات .وقوله:{مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ} قرأه حفص وحمزة والكسائي: ننزل بنونين ،الأولى مضمومة والثانية مفتوحة مع كسر الزاي المشددة ،والملائكة بالنصب مفعول به لننزل .وقرأ شعبة: ننزل بنون مضمومة ونون مفتوحة مع تشديد الزاي مفتوحة بالبناء للمفعول ،والملائكة بالرفع نائب فاعل ننزل .وقرأ الباقون: تنزل بفتح التاء والنون والزاي المشددة أصله تتنزل فحذفت إحدى التاءين ،والملائكة بالرفع فاعل تنزل كقوله:{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} [ القدر:4] الآية .