{ ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ( 32 )} .
النهي عن قرب الزنى ، وهو يتضمن النهي ، فلم يقل سبحانه:لا تزنوا ، بل قال:لا تقربوا ، وهذا يتضمن النهي عن الزنى وعن كل ما يؤدى – أو يظن أنه يؤدى – إليه ، كالقبلة والملامسة ، ورؤية الأجزاء المغرية من جسم المرأة ، والرقص الذي يثير الغريزة الجنسية ، وأصوات النساء المغرية التي تتلوى فيها المرأة بما يثير ويدفع ، ونشر الصور العارية ، وغير ذلك مما نراه ونسمعه كل يوم ، فكل هذا منهى عنه ، وهو حرام ؛ لأنه قرب من الزنى أو ذريعة إليه ، وكل ما كان حراما في ذاته فذريعته ممنوعة ، وهذا باب يسمى في الفقه سد الذرائع ، فكل ما يؤدى إلى حرام لذاته يكون حراما لأنه يؤدى إليه .
والزنى يؤدى إلى ضياع النسل ، فإذا كان وأد الأولاد محرما ، لأنه يضعف النسل ، فالزنى يضيع النسل ، ويذهب بقوة الأمة ، وما كثر الزنى في أمة إلا عمها الخراب ، وضاعت فيها الأنساب بل ضاع نسلها ، واعتبر ذلك بالأمم التي تنحل بشيوع الزنى فيها ، فإنه يقل عددها ، ويضيع نسلها ، ويكثر فيها الأولاد الذين لا آباء لهم ، وإن البلاد الأمريكية والأوربية لكثرة الزنى فيها ، وانحلالها قل نسلها ، والمسلمون مهما تكن حالهم في القرب من الإسلام أو البعد لا تزال هذه الفاحشة ليست كثيرة فيهم ولكثرتها عند الأمريكان والأوربيين يعملون على إضعاف النسل بين الذين تغيظهم كثرتهم بأمرين:
الأمر الأول:إشاعة اللهو والمجون لتفرغ من الحقائق الإسلامية ولتميع نفوسهم كما ماعوا .
الأمر الثاني:العمل على منع النسل أو منع كثرتهم بدعايات منظمة وأموال يبذرونها في المسلمين لتعم هذه الدعاية فيهم .
وقد وصف الله الزنى بقوله تعالت كلماته:{ إنه كان فاحشة وساء سبيلا} وصف الله سبحانه بأنه فاحشة ، أي أنه حال قبيحة مفرطة في القبح زائدة زيادة فاحشة ،{ وساء سبيلا} ، ساء تستعمل بمعنى أفعل التعجب أي ما أسوأه سبيلا وطريقا في الحياة ؛ لأنه اعتداء على الفضيلة ، ويؤدى إلى انحلال الأسرة ، وانحلالها انحلال للمجتمع .