وقد وصل إلى مقصده وهو بلوغ مجمع البحرين ، ولذا قال تعالى:
{ فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا 61} .
ومجمع البحرين الذي بلغه نبي الله تعالى موسى – عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة ، وأتم التسليم – يكون في المكان الذي خرج إليه موسى من أرض مصر ، وقد خرج إلى سينا ، والأردن ، فهذه الأرض كانت المسار الذي يسير فيه ، وهنا مجمعان كانا في ذلك الزمان ، فكان هنا مجمع يلتقي فيه الخليج الفارسي بالمحيط الهندي وهنا مجمع يلتقي فيه البحر الأحمر أو بحر القلزم ببحر الأردن ، وهو خليج العقبة ولا يهمنا أيهما في هذه المنطقة ، وقد يكون قد سار إلى كل واحد منهما في نوبة من نوبات سيره ، ويظهر أنهما في هذه الرحلة المعرفة الباحثة التي يرتادها قد أعد للرحلة عدتها ، فأخذ معه حوتا ، يشويانه هو وفتاه في رحلتهما سدا للجوع ، ولما بلغا مجمع البحرين تبين لهم أنهما تركا الحوت نسيانا له ولاشتغالهما بأمر الرحلة ، وتعرف طرائفها المعبدة ، ولذا قال تعالى:{ فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما} والنسيان لم يكن وقت البلوغ ولكن تبين النسيان في ذلك ، لأنهما بحثا عنه فلم يجدانه ، ولم يكن الحوت ميتا ، بل كان حيا ، ولذا لما نسياه اتخذ طريقه في البحر سربا ، أن أنه أخذ يتقلب حتى وصل إلى البحر{ فأتخذ سبيله في البحر سربا} ، والسرب المسلك ، وهو من سرب بمعنى سلك