ويظهر أنه لم يقف عند مجمع البحرين ، بل اجتازه .
ولذا قال تعالى:
{ فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا 62} .
كأنهما استمرا في سيرهما حتى جاوزا مجمع البحرين سارا برا ، حتى وصلا إليه ، ثم اجتازه بعبوره في قارب حتى وصلا إلى البر الثاني دارسا متعرفا مرتادا .
عندئذ أحس بالنصب ، والنصب جعلهما يحسان بالجوع ، والنصب هو التعب من الجهد المبذول ، وأضاف اللقاء إليهما ولم يقل نزل بهما التعب ، لأنه نصب مختار لهما ولطلبهما .
والفتى هنا هو الخادم أو التابع ، والتعبير القرآني عن التابع أو الخادم بفتى ، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:( لا تقل عبدي وأمتي ، بل قل فتاي وفتاتي ) .
قال ذلك موسى لفتاه ، ويظهر أنه قد علم غياب الحوت قبل أن يعلم موسى ، ولذا هو الذي أخبر بغيابه ، ولعله باشر حاله وهو يتخذ سبيله في البحر سربا ، ولذلك كان يعلم من بعد مكان غيابه ، وهو مكان بجوار صخرة ، فقال:
{ قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا 63} .