اللقاء
التقى موسى بالخضر عليهما السلام ، وجاء في البخاري عند لقاء موسى وصحبه بالخضر . وجدا الخضر على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجي بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه ، فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه ، وقال:هل بأرضك من سلام ؟ من أنت ؟ فقال:أنا موسى . قال:موسى بني إسرائيل ؟ قال:نعم ، قال:فما شأنك ؟ ، قال جئت لتعلمني بما علمت رشدا{[1456]} .
وقال الثعلبي في كتاب العرائس ، أنه قال عند رد السلام ( وأنى بأرضنا السلام ، ثم رفع رأسه واستوى قائما ، ثم قال:عليك السلام يا نبي بني إسرائيل ، فقال موسى عليه السلام:وما أدراك بي ؟ ، ومن أخبرك أني من بني إسرائيل ؟ ، قال:الذي أدراك بي ودلك عليه ، ثم قال:يا موسى لقد كان لك في بني إسرائيل شغل ، قال موسى:إن ربي أرسلني إليك لأتبعك وأتعلم من علمك .
هذا هو اللقاء ، بين علم النبوة وعلم القدر الذي آتاه الله بعض أسباب عمله سبحانه وهو الحكيم ، وقد اعتمدنا في خبر اللقاء على المروي لأنه لا تزيد فيه ، ولأنه متلاق مع النص القرآني أشار إليه ، ونبه عليه .
الفاء في قوله تعالى:{ فوجدا عبدا من عبادنا} هي فاء العطف التي للتعقيب والترتيب أي أنه عقب الوصول إلى الصخرة وجدا عبدا من عبادنا ، وجعل سبحانه اللقاء مع موسى وغلامه لتسوية الصحبة وإعطاء الغلام حقه من الكرامة ووصف الله العبد الصالح فقال:{ آتيناه رحمة من عبدنا وعلمناه من لدنا علما} ، الرحمة النعمة ، والرحمة بالناس إذ يفعل ما يكون فيه صالحهم قابلا ، وإن لم يعلموا عاجلا ، والعلم الذي من لدن الله تعالى العلم بعواقب الأمور ، بالإدراك الباطني ، وقد وازن بعض المفسرين بين علم موسى ، وعلم العبد الصالح الخضر ، فقال:علم الخضر علم المعرفة بواطن قد أوحيت إليه لا تعطى ظواهر الأحكام أفعاله بحسبها ، وكان علم موسى علم الاحتكام والفتيا بظاهر أقوال الناس وأفعالهم .
والحق أنه يضاف إلى ذلك أن علم الخضر علم الأسباب في بواعثها ، وعلم موسى علم الأسباب في واقعها ، كما سنرى ذلك في المجاوبة التي كانت بينهما .