ثم قال تعالى في بيان معنى الولاية:
{ يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيّا 6} .
الوراثة مترتبة على أنه ولي أو هو معنى ولايته عنه ، ولذا انفصلت عن الجملة السامية السابقة ، لأنها مترتبة عليها أو لأنها بمنزلة السبب ، وهذه بمنزلة المسبب ، وما الموروث ؟ قالوا:إن الوراثة تكون وراثة في الجسم والعقل والغرائز والصفات الفطرية وبعض المكتسبة ، كي تكون الوراثة في المال والعلم والحكمة والسجايا الفطرية ، وقد نفى بعض العلماء الوراثة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:( نحن معشر الأنبياء لا نورث ){[1462]} ولكن الأكثر على أن الوراثة في المال بالنسبة لزكريا عليه السلام هي ثابتة ، ولعل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم غالب ما عليه الأنبياء أو خاص بالمرسلين أصحاب الشرائع منهم كموسى وعيسى ونوح وإبراهيم -عليهم السلام- وإلى هذا نميل ، لأنه من المؤكد أنه ورث سليمان داوود بنص القرآن الكريم .
وقوله تعالى:{ يرث من آل يعقوب} ،{ من} هنا تدل على الابتداء ، أي يرث ميراثا من آل يعقوب .
هذا هو الطلب الأول الذي دعا ربه ضارعا إليه ، أما الطلب الثاني فهو أنه خصه بأن يكون مرضيا ، أي تكون سجاياه وأعماله وأخلاقه مرضية مستقيمة ، ولذا قال تعالى:{ وجعله رب رضيا} ،{ رضيا} هنا فعيل بمعنى مفعول ، أي اجعله مرضيا عندك ، أي أن أخلاقه وأفعاله وصفاته المكتسبة موضع رضا منك ، ولم يقل:وكن راضيا عنه ، لأنه يطلب ما يطلب في خلق الولي وتكوينه ، أي اجعله في تكوينه محاولا رضاك ، وأن ترضى عنه ، بحيث يتخذ الأسباب لينال رضاك أنت العليم الحكيم فلا يكون شقيا ، ولا يكون عصيا بل يكون رضيا منك ، ولم يقل:وكن راضيا عنه ، لأنه يطلب ما يطلب في خلق الولي وتكوينه ، أي اجعله في تكوينه محاولا رضاك ، وأن ترضى عنه ، بحيث يتخذ الأسباب لينال رضاك أنت العليم الحكيم فلا يكون شقيا ، ولا يكون عصيا بل يكون رضيا برا تقيا .