وبعد أن يردها الجميع يصطفي الله تعالى ممن وردها المؤمنين الثقاة ، فينجيهم منها ، ولذا يقول تعالى:
{ ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا 72} .
العطف ب{ ثم} هنا للتفاوت البعيد بين النجاة التي كتبها الله للذين اتقوا ، والصلي الذي كان لأولى الناس بالصلى في علم الله تعالى ، والنجاة تكون للذين اتقوا العذاب ولم يشركوا بالله شيئا فلم يعبدوا الأوثان ، ولم يفتنوا أحدا في دينه ، ولم يكفروا بآيات الله تعالى ووحدانيته ، وذكر الموصول يدل على أن الصلة وهي التقوى السبب في الإنجاء أو التنجية ، والتنجية هي المبالغة في النجاة .
هذا بالنسبة للمتقين ، أما الكافرون فقال الله تعالى فيهم:{ ونذر الظالمين فيها جثيا} ، أي جاثين على ركبهم ذلا وفزعا ورعبا وألما ، والجثي تصوير لحالهم بالحس الدال على أنهم في أشد الفزع والألم ، و{ نذر} معناها نتركهم ، وعبر سبحانه وتعالى عن الكافرين ب{ الظالمين} ، لأنهم ظلموا أنفسهم بكفرهم وإشراكهم ، وظلموا الناس بفسادهم ، وظلموهم بالفتنة والصد عن سبيل الله في معاملتهم للمخالفين لهم ، وظلموا الفتنة والصد عن سبيل الله في معاملتهم للمخالفين لهم ، وظلموا الحق بجحودهم مع رؤية آياته:{ وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا . . .14} ( النمل ) .