أجاب موسى عليه السلام بقوله:{ قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى 59} .
أجابه موسى عليه السلام مبينا الزمان والمكان ، فالزمان هو ضحى يوم الزينة ، والمكان هو مكان الاحتفال بيوم الزينة الذي يجتمع فيه الناس لهذا الاحتفال ، و"الحشر"هو الجمع ، كما قال تعالى في آية أخرى:{ فأرسل فرعون في المدائن حاشرين 53} ( الشعراء ) .
و{ موعدكم}اسم زمان بدليل أنها محمول وموضوعها يوم الزينة فلا بد أن يتفق المحمول والموضوع في الماهية ، فلا يكون المحمول مكانا ، والموضوع زمانا .
وما يوم الزينة ؟ لم يبين القرآن ما هو ذلك اليوم ، ولم يصح عن السنة ما يدل عليه ، فقال بعض التابعين:يوم عاشوراء ، وقيل يوم سوق عظيم يتزين فيه الشعب ، وأقرب الأقوال إلى العقول ، أنه يوم وفاء النيل ، فمصر من قديم الزمان تحتفل فيه وتتزين سرورا باطمئنانها على السقي والرعي ، ولعل كليم الله موسى اختار ذلك اليوم لأنه يكون فيه جمع حاشد ، وفيه تذكير برحمة الله تعالى على مصر بهذا النيل السعيد ، الذي يفيض رحمة من الله ، فيكون الفصل في قضية الإيمان في زمان ومكان يكون نعمة الله سابغة على مصر الزراعية .
بعد الاتفاق على الموعد وزمانه لا باليوم فقط بل بجزء من اليوم وهو ضحى يوم الزينة ، واختار الضحى ليكون الجمع أحشد ، والشهود أكثر ، فتكون المقاضاة على الحق أمام أكبر عدد ممكن ، وتكون الدعوة والتبليغ لأوفر عدد ، بعد هذا الاتفاق انصرف فرعون وأخذ يتجادل في الرأي مع أحد شوراه ، وأهل الرأي والنظر الذين يستنصر بهم ، ولذا قال تعالى:{ فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى 60}