الذكر هنا هو الرسول المذكّر ، وعبر عن الرسول بالذكر ، لأنه عمله ورسالته ، فعبر عنه بأخص أوصافه ، كما قال تعالى:{ فذكر إنما أنت مذكر 21} ( الغاشية ) وكما قال تعالى:{. . .إن عليك إلا البلاغ . . . 48} ( الشورى ) فالذكر هنا هو لب الرسالة ، وغايتها ، والمعنى أنهم غافلون ، وإذا جاء الذكر لا يتذكرون ، وقد وصف الذكر بوصفين أولهما:قوله تعالى:{ من ربهم} أضيف الذكر إلى أنه من ربهم الذي خلقهم من العدم وقام على تربيتهم ، فهو أعلم بحالهم وما من أنفسهم ، فقد علم أنه لا يناسبهم ملك من الملائكة ولكن يناسبهم رسول منهم هو من أنفسهم رحيم بهم رءوف عليهم ، والوصف الثاني قوله تعالى:{ محدث} أي أنه تذكير يتجدد لم ينقطع عنهم ، فالرسول ومعه الذكر يجئ إليهم آنا بعد آن ، غير منقطع حتى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ، ونزل معه القرآن الحكيم الذي يذكرهم إلى يوم الدين .
والضمير في{ استمعوه} يعود إلى الذكر ، وهذا من باب الترشيح للمجاز في تسمية الرسول بالذكر لما ذكرنا ، ويجوز أن نقول كما قال كثير من المفسرين:إن الذكر بمعنى الكتاب الذي جاء به الرسول ، أو أريد به القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ومعنى{ محدث} هو تجدد نزول آياته آية بعد آية مجددة التذكير الذي يهدي الضال ولكن الظالمين لا يهتدون .