الضمير الفاعل ل{ قال} يعود على النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه المذكور قبل ذلك ، إذ هو الرسول الأخير الذي خاطب المشركين ، وأسروا له النجوى ، وخرجوا إليه بالطعن فيه ، وصرف الذين اتبعوه عنه ، فهو يبين في هذا أن الذي يأتمرون به من نجوى أو جهر يعلمه الله وهو في معنى التفويض إليه سبحانه ، لأنه رسوله الذي أرسله وكل كيد له هو لتعويق الرسالة فهو حافظه وكالئه ، وهو الذي يحمي الذين اتبعوه عن فتنة القول الذي يدبره هؤلاء المشركون .
{ قال ربي} الذي أرسلني ويقوم على حماية رسالتي{ يعلم القول في السماء والأرض} والقول يشمل السر والجهر ، وهو يفيد عموم علم الله تعالى لكل قول خفي أو جهير ، في سر أو في علن ، وهو راد كيدهم في نحورهم ومبطل تدبيرهم ، وذكر{ السماء والأرض} لعموم علمه بكل قول سواء أكان من ملك كريم أم كان من شيطان رجيم ، فهو سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، وختم سبحانه وتعالى الآية بوصفه سبحانه بوصف الكمال ، بقوله تعالى:{ وهو السميع العليم} أي أنه يعلم الأقوال كلها جهرها وسرها ، وهو محيط بعلمه بكل شيء وذكر{ السميع} لأن موضوع العلم في الآية القول الذي دبروا به كيدهم ، وما كيدهم إلا في ضلال ، وقال تعالى عما دبروا من قول يصدون به من آمنوا عن سبيل الحق:
{ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون} .