{ وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين 89 فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين 90} .
{ زكريا} معطوف على ما سبق من أخبار النبيين ، وسبقت قصة زكريا عليه السلام للدلالة على أن الله تعالى لا يتقيد في خلقه وإرادته بالأسباب العادية ومسبباتها ، ففي الأسباب العادية لا يأتي الولد من امرأة عاقر ، وفي الخبر تسرية عن النبي صلى الله عليه وسلم بقصص النبي وتوقع نصره ، وإعلاء كلمته على المشركين ، وإن كانت ظواهر الأمور لا تنبئ عن ذلك ، فالأمر كله لله ،{ وزكريا إذ نادى ربه} قال{ رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين} فردا أي مفردا عن قريب أدنى يرثني ، ولقد كان في ندائه بالغا أقصى درجات الأدب في جنب الله ، فهو لا يجعل وراثة ذي القرابة القريبة أولى من وراثة الله فقال:{ وأنت خير الوارثين} وأفعل التفضيل ليس على بابه ، بل المعنى ووراثتك أعلى درجات الوراثة وأبقاها .
وهذا التعبير الموجز في معناه قوله تعالى:{ قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا 4 وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 5 يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا 6} ( مريم ) .
وقد أجابه تعالى بقوله هنا:
{ فاستجبنا له ووهبا له يحيى وأصلحنا له زوجه} .