وقد أفرط المشركون في إنكارهم فقالوا:
{ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ( 83 )} .
إن النبي صلى الله عليه وسلم وعدهم بالبعث والنشور في أول دعوته لهم ، فقد قال عندما أمره ربه أن يصدع بأمر ربه ، وقال له:{ فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ( 94 )} [ الحجر] ، وعندما قال له عز وجل:{ وأنذر عشيرتك الأقربين ( 214 )} [ الشعراء] قال صلى الله عليه وسلم:( والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون"{[1545]} واستمر يكرر هذه الدعوة لهم غير وان ولا مقصر ، وبمقدار استمراره كان جحود المشركين ، ولذا أخبر الله تعالى عنهم:{ لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ} أكدوا أنهم وعدوا وآباؤهم الذين أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم من قبل هذا الزمان ، وقد أكدوا أنه وعدهم بقد ، وباللام ، ولكن مع توكيد وعدهم أكدوا إنكارهم له ، فقد قالوا:{ إن هذا إلا أساطير الأولين}{ إن} نافية أي ما هذا الوعد المكرر إلا أكاذيب الأولين التي تقال في موضع السمر والتفكه بفارغ القول ، جاء في مفردات الراغب في الأساطير:"قال المبرد هي جمع أسطورة ، نحو أرجوحة وأراجيح ، وأفية وأثافي وأحدوثة وأحاديث"، أي أنها أخبار غير صادقة يتفكه بها ، ويقطع الوقت بالسمر عليها ، فليست حقا تتبع ، ولا جدا من القول يتعظ به .