قوله تعالى:{لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا هَاذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الاٌّوَّلِينَ} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ،أن الكفار المنكرين للبعث قالوا: إنهم وعدوا بالبعث ،ووعد به آباؤهم من قبلهم .والظاهر أنهم يعنون أجدادهم ،الذين جاءتهم الرسل ،وأخبرتهم بأنهم يبعثون بعد الموت للحساب والجزاء ،وقالوا: إن البعث الذي وعدوا به هم وآباؤهم كذب لا حقيقة له ،وأنه ما هو إلا أساطير الأولين: أي ما سطروه وكتبوه من الأباطيل والترهات ،والأساطير: جمع أسطورة ،وقيل: جمع أسطارة .وهذا الذي ذكره عنهم من إنكارهم البعث ذكر مثله في سورة النمل في قوله:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَءِذَا كُنَّا تُرَاباً وَءَابَآؤُنَآ أَءِنَّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هَاذَا نَحْنُ وَءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ} [ النمل:67-68] ثم إنه تعالى أقام البرهان على البعث ،الذي أنكروه في هذه الآية بقوله:{قُل لِّمَنِ الاٌّرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} إلى قوله:{فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} لأن من له الأرض ،ومن فيها ،ومن هو رب السماوات السبع ،ورب العرش العظيم ،ومن بيده ملكوت كل شيء ،وهو يجبر ولا يجاز عليه ،لا شك أنه قادر على بعث الناس بعد الموت ،كما أوضحنا فيما مر البراهين القرآنية القطعية ،الدالة على ذلك .