الوصف السادس:هو المحافظة على الصلاة ، وهو غير الخشوع ، فالأول وصفهم بالخشوع ، وهنا الوصف بالمحافظة عليها ، وكلاهما لازم ، ومطلوب ، وهو صفة للمؤمن ، فالمؤمن يحافظ على الصلاة ، ويخشع فيها ، ولكن قدم الخشوع على المحافظة ، لأن الخشوع لبها ، ولأنه أساس كل الفضائل الإسلامية ؛ ولأنه روحانية الصلاة ، ولأنه امتلاء النفس بها ، وقال تعالى في المحافظة عليها:
{ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ( 9 )} .
والمحافظة على الصلاة تقتضي:
أولاالمداومة عليها .
ثانياأداؤها في أوقاتها .
ثالثاإقامتها بإتيانها مقومة ظاهرة وباطنة ، وإن المداومة على الصلاة في أوقاتها مع إقامتها مصحوبة بذكر الله واستحضاره في قراءتها وقيامها وركوعها وسجودها ، وامتلاء النفس بالخشية تكون مذهبة لصدأ النفوس ، يبتدئ يومه بصلاة الصبح ، ليقبل على اليوم طاهر النفس خاشعا من خشية الله ، حتى إذا ابتدأ الصدأ يعلوها بمعالجة الحياة وأعمالها جاءت صلاة الظهر ، ثم صلاة العصر ، ثم صلاتا العشي ، المغرب والعشاء ، ثم ينام طاهرا مطهرا ، كما ابتدأ طاهرا ، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها تجعل المؤمن في خشية دائمة ، وهو مشفق منه سبحانه .
تنبيهان:
أولهماأن الأوصاف التي وصف الله تعالى عباده المؤمنين بها كان سبحانه يذكرها مقرونة بعبارات تفيد اختصاصهم بها ، وأنها مقصورة عليهم ، وهم مقصورون عليها بدليل اقتران{ هم} بكل الأوصاف .
فقال سبحانه في الخشوع:{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ( 2 ) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ( 3 )} فهم مختصون من بين عباد الله تعالى من الإنس والجن بأنهم الخاشعون في صلاتهم ، وأنهم وحدهم الذين هم عن اللغو معرضون ، وأنهم الذين هم للزكاة فاعلون راغبين في إعطائها معتبرين ذلك مغنما وليس مغرما ، وأنهم هم وحدهم الذين يستمسكون بالمحافظة على أعراضهم ، وأنهم وحدهم الذين يداومون على الصلوات ، وأنهم هم الذين يراعون العهود والأمانات ، وإنه في هذه الأمور يعبر عنهم باسم الفاعل ما عدا الأخير فقد عبر بالمضارع للدلالة على أنه صار لهم صفة .
والثانيما أشرنا إليه من أن الآية تدل على المباح من العلاقة بين الرجل والمرأة ، وهو ما يكون بالزواج أو بملك اليمين ، وعلى ذلك تكون المتعة حراما ، وتكون داخلة في قوله تعالى:{ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ( 7 )} وليست زواجا ، حتى عند الذين يبيحونها ؛ ولذلك احتجت بهذه الآيات عائشةرضي الله عنها وعن أبيهاعلي عبد الله بن عباس عندما بلغها أنه يبيح المتعة ، وهي لا تتوافر فيها شروط الزواج حتى تكونه ؛ لأن من شروط عقد الزواج ألا يكون فيه ما يدل على التوقيت .