من قصص قوم نوح
جاءت قصة إبراهيم بعد قصة موسى ، لأن موسى قاوم أشد طواغيت الدنيا وأهلكه الله تعالى بعد المعركة ، وذلك فيه إيذان بأن محمدا سيهزم الجمع من المشركين ، ويولون الدبر ، وجاء بعده قصص من إبراهيم تأديبا للعرب ، لأنه أبوهم الذي يشرفون بمحتده ويحتمون بمسجده أول بيت وضع للناس ، ولعلهم يهتدون بهديه ، ويطيعون بطاعته ، ويتأدبون بأدبه .
وجاء من بعد بقصص من قصص نوح الأب الثاني للخليقة ، وفيه ذكر شذوذ الكافرين من العرب ، ولذلك ابتدأ سبحانه القصص بتكذيبهم ، ولم يبتدئه برسالة نوح عليه السلام ، فقال تعالى:
{ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ ( 105 ) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ( 106 ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( 107 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( 108 )} .
{ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} ابتدأ القول الكريم بتكذيب قوم نوح للمرسلين ، أي أن طبعهم ، وما آل إليه أمرهم أنهم يكذبون الرسالة الإلهية على لسان رسول يبشر وينذر ، فهم لا يكذبون نوحا وحده ، وإنما يكذبون أصل الرسالة الإلهية لأنهم ماديون لا يؤمنون إلا بالمادة ، ولا يؤمنون بالغيب ، ولب الإيمان هو الإيمان بالغيب ، فلا إيمان لمن لا يؤمن بالغيب .