وصفوا بالظلم ، لأنهم هم الذين مكنوا فرعون من ظلمه ، فكانوا ظالمين ، لأنهم الذين أقاموه ، وأيدوه ، وطاوعوه ، ومهدوا ، وصاروا آلة طيعة لتنفيذ مظالمه ، وإنه لا يسأل العامة عن ظلم الخاصة ، حتى يروا الظلم فلا يستنكروه ، وكذلك كان أهل مصر ، وعبر عنهم بقوم فرعون لأنهم كانوا له تبعا ، وقد فنى وجودهم في وجوده ،{ أَلَا يَتَّقُونَ} هذه جملة مستأنفة دالة على أنهم لم يتقوا ، وأفرطوا في اتباع فرعون ، وكان إسرافهم على أنفسهم ، إذ إنهم لما لم يستنكروا أوغل هو في الطغيان بمقدار إسرافهم في الخضوع ، فرد الطغاة وقاية للأنفس ، واتقاء لله ، و( ألا ) دالة على التحريض والحث على التقوى ، وهنا التفات من الخطاب إلى الغيبة ، للدلالة على الغضب عليهم ، وهناك قراءة بالخطاب ألا تتقون ، ويكون النص محرضا لهم على التقوى .
وإن ذلك النص بعد فوات قرون ، فيكون معناه أنهم كانوا في حال كان يجب أن يحرضوا فيها على التقوى ، وأن موسى عليه السلام حرضهم عليها ، ولم يتركهم لأنفسهم ، وفي ذلك إشارة إلى أنه يجب أن يقمع كبراء قريش ، وألا يستسلم الناس لهم ، ويخنعوا لعبادة الأوثان .
وهناك قراءة بكسر نون{ أَلَا يَتَّقُونَ} وتكون منيبة عن ياء المتكلم ، أي ألا تتقون الله رب العالمين .