وإن المتعة التي يعقبها عذاب أليم لا تجدي ولا تنفع ولا ترفع ، ولقد كانوا يتوهمون أن ما هم فيه من تمتع يكفيهم ، ولكن{ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} .
ما هنا موصول حرف ، وليست موصولا اسميا بمعنى الذي ، لأن الصلة في الموصول الاسمي يجب أن تشتمل على ما يربطها بالاسم من ضمير ، أو نحوه ، ولا ضمير يربطها ، فهي إذن موصول حرفي يكون وما بعده مصدرا منسبكا ، وتقديره:وما كان تمتعهم هذه السنين طالت أو قصرت مغنيا عنهم في الآخرة رافعا عذابهم الشديد النازل بهم ، كما كانوا يتوهمون أنه لا بعث ، وأنه إن كان بعث فليس بمعقول أن يعاقبوا ، وأن يكون أولئك الضعفاء المرذولون والعبيد المهينون هم المثوبين ، وكانوا دائما معتمدين على دوام تمتعهم في السنين المحدودة والأمد المعلوم .
208
وأنهم قد أنذروا ، فالملام في عقوبتهم عليهم هم وحدهم ، ولذا قال عز من قائل:{ وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ ( 208 ) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ ( 209 )} .