/ت206
جملة:{ ما أغنى عنهم} سادة مسدّ مفعولي ( رأيتَ ) لأنه معلَّق عن العمل بسبب الاستفهام بعده .و{ ما كانوا يمتعون} موصول وصلتُه .والعائد محذوف تقديره: يمتعونه .
والمعنى: أعلمتَ أن تمتيعهم بالسلامة وتأخير العذاب إن فرض امتدادُه سنين عديدة غير مغن عنهم شيئاً إن جاءهم العذاب بعد ذلك .وهذا كقوله تعالى:{ ولئن أخَّرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولُنّ ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن}[ هود: 8] ،وذلك أن الأمور بالخواتيم .في « تفسير القرطبي »: روى ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز كان إذا أصبح أمسك بلحيته ثم قرأ:{ أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يُمَتّعون} ثم يبكي ويقول:
نهارك يا مغرور سهو وغفلة *** وليلك نوم والردى لك لازم
فلا أنت في الأيقاظ يقظان حازم *** ولا أنت في النّوّام ناج فسالم
تُسرّ بما يفنى وتفرح بالمنى *** كما سُرّ باللذات في النوم حالم
وتسعى إلى ما سوف تكره غبّه *** كذلك في الدنيا تعيش البهائم
ولم أقف على صاحب هذه الأبيات قال ابن عطية: ولأبي جعفر المنصور قصة في هذه الآية .ولعل ما روُي عن عمر بن عبد العزيز رُوي مثيله عن المنصور .