سمع سليمان الملك العظيم الذي آتاه الله تعالى علم منطق الطير والنمل ، وسائر الأحياء كما يبدو من عظم حكمه ، وتكميل الله تعالى لسلطانه ، فلم يحكم بمجرد السماع ، بل قال كما حكى الله تعالى عنه:
{ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ( 27 ) اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ( 28 )} .
كان سليمان ملكا حكيما لا يجعل علمه قيما يقضي فيه من سمعه فقط ، فإن ذلك أضل الملوك ، وهو الذي يوصف بأنه أذن فتكون الحاشية وليه الذي يسيطر عليه ، ولذا قال للهدهد:سننظر أي أننا نؤكد أننا سننظر في حقيقة ما جئت به إلينا ، أصدقت أم كنت من الكاذبين . الاستفهام فيه إيماء إلى تغليب الكذب ، لأنه في معادلة الكذب تكلم بما يوهم أنه ربما يكون كاذبا ، فقال{ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ، فقد ذكر احتمال الكذب بما يفيد قربه ، فأكده بالوصف بالكذب ، وبكان الدالة على الدوام ، وبكونه أن يكون من صفوف الكاذبين .