وانتقل نبي الله الملك ، إلى مقام التيقن فقال له:{ اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} .
كما كان الهدهد هو المخبر بحالهم جعله حاملا رسالته إليهم قال له:{ اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} والجار والمجرور متعلق بمحذوف تقدير القول فيه ، فألقه موصلا له إليهم .
ولم يتعرض القرآن لبيان طريق توصيل كتاب سليمان إليهم ، وقد قيل إنه أوصله من الكوة التي تشرق عليها الشمس منها لتعبدها فيها ، وقيل:إنه جاء إلى جمعهم ، وألقى الكتاب المختوم بخاتم الملك لسليمان ، فألقاه عليهم وهم يجتمعون ، والله تعالى وحده العليم كيف أوصل إليهم الكتاب ، ولا نتعرض لبيانه ، لأنه لو لم بعلمنا به الله فحق علينا التوقف ، كما قال تعالى:{ ولا تقف ما ليس لك به علم ( 36 )} [ الإسراء] ، ثم قال تعالى:{ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} العطف ب ( ثم ) في موضعه ، أي ألقه متأكدا ، وصوله إليهم ، وبعد تأكد ذلك تول عنهم وانصرف غير بعيد لتكون مترقبا ماذا يرجعون ، أي ماذا يرجعون أو يردون ذلك الخطاب ، والواقع أنهم لا يرجعون الكتاب ، إنما يرجعون ما تضمنته الكتاب من دعوة لعبادة الله وحده ، والاستسلام لسليمان والخضوع لحكمه كما بين مضمون هذا الكتاب عند استفتاء قومها .