تقدم عند قوله:{ فقال أحطت بما لم تحط به}[ النمل: 22] بيان وجه تطلب سليمان تحقيق صدق خبر الهدهد .والنظر هنا نظر العقل وهو التأمُّل ،لا سيما وإقحام{ كنتَ} أدخل في نسبته إلى الكذب من صيغة{ أَصدقت} لأن فعل{ كنتَ من الكاذبين} يفيد الرسوخ في الوصف بأنه كائن عليه .وجملة:{ من الكاذبين} أشدّ في النسبة إلى الكذب بالانخراط في سلك الكاذبين بأن يكون الكذب عادة له .وفي ذلك إيذان بتوضيح تهمته بالكذب ليتخلص من العقاب ،وإيذان بالتوبيخ والتهديد وإدخال الروع عليه بأنَّ كذبه أرجح عند الملك ليكون الهدهد مغلِّباً الخوف على الرجاء ،وذلك أدخل في التأديب على مثل فعلته وفي حرصه على تصديق نفسه بأن يبلغ الكتاب الذي يرسله معه .