{ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ( 70 )} .
إذا كانوا يسيرون في الأرض ليريهم عاقبة المجرمين فذلك إعلام لهم بأنهم مثلهم وسينزل بهم مثل ما نزل بغيرهم ، ولأنهم ضالون مثلهم ، ولا شك أن ذلك يحزن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى:{ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ( 3 )} [ الشعراء] ؛ ولذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ هم قومه وعشراؤه ، إذ قال تعالى:{ ولا تحزن عليهم} قيل أي لا تحزن ، على كونهم ، وإني أرى أن الحزن عليهم هم لأنهم قومه ، وقد قال:{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 128 )} [ التوبة] .
{ وَلَا تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} الضيق الحرج الشديد ، ومما يمكرون أي يدبر التدبير الخبيث من إيذاء المؤمنين والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وتدبير المكائد من مثل مقاطعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، وعزل المؤمنين الموالين لمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم في شعب قريش ونحو ذلك ، وهذا كقوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ . . ( 67 )} [ المائدة] . إن الله عاصمك مهما تمالئوا عليك .