وقد بين سبحانه وتعالى ان الإخلاص لله سبحانه والإذعان المطلق هو لب الأديان كلها وروحها ، وهو دين الله الحق ،ولذا قال سبحانه:
{ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}الإسلام هنا هو الإسلام في قوله تعالى:{ إن الدين عند الله الإسلام . . .19}[ آل عمران] فهو الإيمان بالله تعالى وحده ،وإذعان العقل والنفس والقلب لله سبحانه وتعالى ،فهو التوحيد ،والانقياد ،والإذعان ،والإخلاص لذات الله ،بحيث يحب الشئ لا يحبه إلا لله .وكان المعنى:من يطلب غير الإخلاص دينا لله تعالى فلن يقبل منه ؛لأن عدم الإخلاص لله تعالى إشراك للهوى ومآرب الدنيا في الاتجاه إليه سبحانه ،وذلك نوع من الشرك الخفي ،ولذا أكد سبحانه وتعالى ذلك بقوله:{ فلن يقبل منه}أي انه ليس من شأنه ان يقبل غير الإخلاص إذ إن الله سبحانه وتعالى لا يقبل من عباده إلا ما كان خالصا له مجردا من كل هوى من أهواء الدنيا ،ومن كان عنده ذلك الإخلاص الحق هو الذي قال سبحانه وتعالى في مثله:{ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون30} [ فصلت] .
وإن الله تعالى إذا كان لا يقبل ذلك النوع من التدين ،وهو الذي خلا من الإخلاص ،فإن صاحبه يكون يوم القيامة من الخاسرين ،ولذا قال سبحانه:{ وهو في الآخرة من الخاسرين}أي ان الخسران يوم القيامة يكون شأنه ،إذ خسر رضوانه تعالى ، وخسر النعيم المقيم ، وخسر رحمة الله ، فألقى به في الجحيم .الله هب لنا الإخلاص ،وأنر به بصائرنا ،وامنحنا قبولك ورضاك يا أرحم الراحمين .