فإنَّها تدعو إلى أن يكون الإسلام للّه هو الدين الذي يرتضيه الإنسان لنفسه ،ليتحقّق له من خلال ذلك الانقياد لأوامر اللّه ونواهيه ،والخضوع لرسالات اللّه التي أرسل بها رسله .فمن لم يتخذ لنفسه ذلك الخطّ ...[ ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه] ،لأنَّ اللّه لا يقبل من الإنسان أن يختار لنفسه ما يشتهي ويريد في ما يقبل ويرفض ،فلا قيمة لقبوله حقيقة على حساب رفض حقيقة أخرى ،كما هو شأن الذين آمنوا بموسى ( ع ) ورفضوا الإيمان بعيسى ومحمَّد ( ع ) ،وكما هو شأن النصارى الذين آمنوا بموسى وعيسى ( ع ) ورفضوا الإيمان بمحمَّد ( ص ) ...[ وهو في الآخرة من الخاسرين] الذين لم يأخذوا بأسباب الربح في قضية المصير ،فوقعوا في قبضة الخسارة الدائمة في العذاب الأليم .
الأسلوب الواقعي في وحدة الديانات:
وقد يكون من الضروري لنا أن لا نستغرق في المجالات في طرح الحقائق الدينية في حركة العقيدة ،كما يفعل البعض عندما يطرحون وحدة الديانات لتبرير الانحراف البارز في بعض الرسالات ،ولتمييع المواقف الفكرية التي تريد أن تضع القضايا في مواقعها الحقيقية ؛بل الأولى بنا أن نطرح الموضوع من خلال الأسلوب القرآني الذي يجمع للإنسان الإيمان كلّه في مستوى الرسالات المترابطة التي لا تنفصل حقائقها ولا تختلف إلاَّ بحسب اختلاف طبيعة المرحلة ،وفي مستوى الرسل الذين يصدق بعضهم ببعض ،ويدعو كلّ واحدٍ منهم أمته للإيمان بالبعض الآخر وعدم التفريق بينه وبينهم ...فذلك هو ما نؤمن به وندعو له ،وندفع الحوار نحو الوصول للقناعة المشتركة على أساس ذلك .وفي هذا المجال نتطلّع إلى معنى الإسلام بمعناه العام والخاص ،فنجد أنَّهما لا ينفصلان عن بعضهما البعض في حركة رسالة النبيّ محمَّد ،لأنَّ الإسلام بمعناه العام يريد للنّاس أن يخضعوا للحقائق الثابتة التي تقف في طليعتها رسالة النبيّ محمَّد ( ص ) ،فلا يمكن أن يكون الإنسان مسلماً ثُمَّ ينكر هذه الحقيقة الثابتة من قريبٍ أو بعيد .