{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا( 122 )} .
/م119
إذا كان الشيطان يعد أولياءه بالأماني الكاذبة ويدفعهم إلى أوهام لا أصل لها ، فالله تعالى قد وعد المؤمنين وعدا حقا ، وإذا كان المشركون قد رأوا مآلهم جهنم لا يجدون عنها معدلا ، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات جزاؤهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، وأولئك يستحقون هذا ، أولا بإيمانهم الصادق وانفكاكهم عن حبائل الشيطان وبعدهم عن غروره وخديعته ، وثانيا بأعمالهم الطيبة الصالحة المبنية على أسباب معقولة لا على أهواء مرذولة ، فهي تفيد أنفسهم ومجتمعهم ، ويؤدون بها حق ربهم .
وإن ذالك الجزاء اتصف بأمور ثلاثة:
أولها:أنه نعيم مادي فهو جنات وحدائق فيها كل ما تشتهيه الأنفس .
وثانيها:أن فيها نعيما معنويا تلذ به الأعين ، وتنشرح له الصدور ، وهو أن الأنهار تجري من تحت قصور ، فتريهم منظرا بهيجا يسر الناظرين إليه .
وثالثها:أنها خالدة لا تنقطع ولا تزول ، ولا يعرض لها تغيير ولا تبديل . وهناك ما هو أغلى من كل هذا وهو رضوان الله تعالى .
وإذا كان الشيطان قد غر أولياءه فقد صدق الله تعالى أولياءه فقال:
{ وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا} وعد الله تعالى وعدا ، وحقه حقا فهو وعيد ثابت لا يقبل تغييرا ولا تبديلا ، إذ هو وعد ثابت صادق لأنه وعد الله تعالى ، ولا يوجد أصدق قولا من الله تعالى ،فالاستفهام في قوله تعالى:{ ومن أصدق من الله قيلا} ، للنفي والمعنى لا يوجد في هذا من أصدق من الله قولا ، فقيل معناها قول مؤكد لا ريب ، وصدق وعد الله تعالى ، لأنه من ذي الجلال والإكرام المهيمن على كل شيء ، فلا يتصور أن يكون من قوله سبحانه غير الحق والصدق وفوق ذلك هو وحده القادر على تنفيذ ما وعد به .
وهذا في مقابل تغرير الشيطان بالأوهام والوعود الكاذبة لأنه عاجز عجزا مطلقا والله تعالى هو القادر قدرة مطلقة ، اللهم اجعلنا ممن يصدق فيهم وعدك ولا يصدق فيهم وعيدك ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .