{ وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله}
هذا النص توبيخ للذين يؤثرون رضا الناس على رضا الله ، فلا يبتغون ما عنده ، ويبتغون ما عند الناس ، فيراءون ويمنعون الخير لذات الخير . والمعنى:ماذا يكون عليهم من مغبة أو تبعة أو ضرر ، لو أنهم آمنوا بالله حق الإيمان وباليوم الآخر الذي يكون فيه الجزاء الحقيقي ، ولم يأخذهم زخرف الحياة الدنيا فلا يرعوا سواها ؟ إنه لا ضرر بلا شك في الاتجاه إلى الله ، وإنفاق بعض رزقه الذي أعطاه إياهم ؛ إذ لا ينفقون إلا بعض ما أعطى ، ومع عدم الضرر هناك نفع عظيم جليل ، وهو رضا الله ، وثواب يوم القيامة ، وصلاح حالهم صلاحا حقيقيا في الدنيا . وبمقارنة ذلك بما عليه حالهم من رياء أو بخل أو كتمان ، يتبين أنهم اختاروا الصفقة الخاسرة ، لأن في إنفاقهم لأجل الرياء أو بخلهم ، إغضابا لله ، وتعرضا لعقابه وإفسادا لمجتمعهم ، وما ينالون من نفع ضئيل بجوار ما ينالهم من ضرر خطير . ولم يذكر سبحانه وتعالى ما ينالون من نفع في دنياهم ، لأنه لا يعد في حقيقة الأمر نفعا ، فضررهم مؤكد ، ولا نفع ، وإذا اتجهوا إلى الله فالنفع ثابت ولا ضرر .
{ وكان الله بهم عليما}هذه إشارة إلى الضرر الذي ينالهم ، وهو عقاب الله تعالى لهم ، وهو عليم بأحوالهم يعلم سرهم وما يخفى من شؤونهم ، وإنه سيجازيهم بعملهم ، فالعقاب لاحق بهم لا محالة ، وقانا الله تعالى شر نفوسنا ، وجعلنا لله لا لأحد سواه .