{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيماً} إنها الدعوة إلى الإيمان والإنفاق من موقع النصيحة التي تدعو إلى التأمل والتفكير في عواقب الأمور .فما الذي يضرّهم إذا انفتحوا على أسس الإيمان بالله واليوم الآخر ،وفكروا وتأملوا من خلال البراهين والبينات التي تقودهم إلى ذلك وتوصلهم إلى القناعة اليقينيّة الثابتة ؛فتدفعهم إلى الإنفاق مما رزقهم الله ؛لأنهم إذا آمنوا بأن الله هو الرزاق الذي رزق عباده ،ليعودوا به على أنفسهم وعيالهم ،كان ذلك دافعاً لهم إلى الحصول على الثقة بالله والشعور بالمسؤولية في الإنفاق على عباد الله من رزق الله ،من دون أن يعانوا أية عقدة في هذا السبيل ،لأن المؤمن لا يرى لنفسه الاستقلال الذاتي في الأمور الخاصة والعامة أمام الله ،بل يعتبر وجوده خاضعاً لله في كل شيء ،في ما توحيه كلمة الإسلام:{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [ الأنعام:162163] ...هو الذي يعطي ويمنع ويأمر وينهى في ذلك كله ،{وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيماً} ،في كل ما يبدون وما يخفون من أمر السرّ والعلانية .