{ درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما}
/م95
هذا بيان للأجر العظيم الذي يعلو به المجاهد بنفسه وماله عن القاعد كسلا أو تراخيا ، أو لأنه سبقه غيره إلى الجهاد . وهذا الأجر مكون من عناصر ثلاثة:
أولها:أن الله تعالى يرفعه درجات ، ويقربه إليه سبحانه منازل يوم القيامة ، فيكون في مرتبة الصديقين والأنبياء والصالحين ، إذ إن الشهداء الذين أخلصوا النية في جهادهم ، والمجاهدين الذين تعرضوا لشرف الاستشهاد لهم المنازل العليا ، والمقامات الكبرى . ونُكرت الدرجات لبيان أنها يحدها الحصر ، ولا يعيِّنها المقدار ، بل هي شرف عظيم لا يناله إلا المقربون الأبرار .
ثانيها:أن الله تعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه ، فإن الحسنات يذهبن السيئات ، وأي حسنات أعظم من تقديم النفس والنفيس .
ثالثها:الرحمة تنزل بالمجاهد ، فإنه يكون مغمورا برحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة:ففي الدنيا براحة الضمير وأداء الواجب ، والإحساس بأنه كان سببا للرحمة بالمؤمنين ، إذ وقاهم شر العدو ومنعه من أن يتحكم فيهم ، ودفع عنهم الفتنة في دينهم ، وجعل الدين خالصا لوجهه الكريم ، ومن الفساد في الأرض . وفي الآخرة بالثواب العظيم .
وقد ختم الله تعالى النص بأن الغفران والرحمة وصفان دائمان لذاته العلية ، لا ينفصلان عنها ، وفي ذلك دعوة لكل من يكسل عن الجهاد لأن يعمل ، وللعاصي ليتوب ، فإن باب المغفرة مفتوح قد فتحه الغفور ، وباب الرحمة متسع قد وسعه الرحيم . اللهم اكتبنا في عبادك التائبين ، واغفر لنا ، إنك أنت الغفور الرحيم .